.. بلَّاعة غينيس تحتفي بنا .. ؛ .. !
برج دبي .. نيشان فولاذي تربَّع على كتف الوطن مؤخراً .. ولو أنه فولاذ استرالي اللكنة أمريكي المنطق ، و"تنجير" متقن من قبل خبرات فرنسية وإنجليزية .
جاء طويــــــــــلاً طويـــــــلاً .. بل " الأطول " قامة .. بارتفاع شاهق وصورة لو تناقلها المؤرخون لاتهمهم المحققون بالتورط في نقل الإسرائيليات ..
لكن كتاب "غينيس" المقدس كفيل بلجم الجميع ، وقد أصبحت رتبة أرقامه لدينا كالنص ؛ و" النص" عند المؤصلين لا جدل فيه فهو قطعي الدلالة والثبوت .
إلا أن أولوية التاريخ تكون للمعيار لا للمقاس ، ليس كمبدأ غينيس الذي هو أشبه ما يكون بمفهومنا - يوم كنا صغارا - أن الشخص"الأطول" هو "الأكبر" ..
وسيطل التاريخ ولو بعد حين على البرج الفارع .. مواجها له بالمعيار ، بعد أن ينتهي الإعلاميون من مضغ لبانه .. ولسوف يناديه من كل الجهات :
"أنت يا صاحب الظل الطويل ..
أيها اللوحة الشرقية بتوقيع غربي ..
يا أيها المرغم أنف السحاب ، والجاهل ما لون التراب ..
هلا رفعت إلى عيونك مجهراً إلكترونياً وأرسلت نظرك نحونا في الأسفل .. فأبصرت "كويئنات" قصيرة تتأبط الجدران وتلعق الأرصفة ..
ورأيت أجياشا' من النمل التائه تنادي عليهم نملة :
(يا أيها النمل اخرجوا من مساكنكم لا يوقعنها "الباشا وعساكره" على رؤوسكم وهم يمثلون آخر مشهد في مسرحية "القانون") ..
أيها التائه في عرض السماء .. هلا بحثت لنا أين كان آخر مطاف " جنة عاد " الضائعة في الجزيرة .. فإننا من مقامنا هذا حاسرو النظر إذا أخرجنا أيدينا لا نكاد نراها .. شأننا أن ننصت إلى صرخات تتأتى من حوالينا ومن تحتنا كنا نحسبها صراخ الكافرين المعذبين في بطن الأرض .. وإذا هي صراخ المؤمنين في قبو هنا .. وخلف حصار هناك .;.
أجل .;. .. !
أيها المرغم أنف ذاته .. لدينا الكثير من أمثالك من قصيري القامة الذين يصعدون سلالم التاريخ حبواً على مناخيرهم ، والذين لا يفقهون من العلوم سوى لغة العدد .. ولفرط ولعهم بالعدِّ والترقيم ينامون إثر آخر نعجة يعدونها ..